المغرب .. الناس و الطبيعة .. ؟؟
إن أول ما تقع عليه عين المتجول في الأسواق المغربية و المدن الرئيسية كثرة أنواع الأزياء
التقليدية التي يرتديها الناس .. و تلاحظ أن كل اقليم له زيه الخاص به .. فعلى سبيل المثال
تجد أن الرجال و النساء _ في جنوب " أكادير " _ يرتدون على حد سواء لباسا أزرق اللون .. !!
أما قبيلة " أيت حديدو " التي تعيش في مرتفعات " ملوك " في الأطلس الكبير .. فإن نسائها
يرتدين أبرادا ناصعة البياض مطرزة بخيوط زرقاء .. و الطريف أن العذارى يعتمرن العمائم
و يعلقن على صدورهن عقودا جميلة .. !!
و يكفي هنا أن يزور الواحد سوق مراكش حتى يتعرف على تعدد و تنوع الأزياء المغربية ..
فالسوق مقسم إلى أزقة .. كل سوق أو قسارية .. و نسميها هنا قصرية .. خاص بنوع معين
من الملابس التقليدية .. أو إحدى الصناعات اليدوية .. !!
و سوق مراكش يشبه إلى حد بعيد سوق الحميدية في دمشق .. و يكاد يحتوي على كل
الصناعات التقليدية للبلاد .. ومن هنا تجد هذا السوق يعج بالسياح .. و الحمالين و السقائين ..
و السيدات المحجبات اللواتي ينظرن إليك من طرف خفي كأن الواحدة منهن تريد أن تقول للناظر
غض طرفك .. !!
و على مدخل سوق مراكش ثمة ميدان واسع اسمه " ميدان جامع الفنا " و هو ميدان له العجب
حقا .. لكونه .. جامع لكل شيء .. و أقولها بدون تحفظ .. !!
على جنبات الميدان حوانيت تبيع المصنوعات الجلدية و النحاسية .. و الفضية .. و مطاعم و مقاهي
شعبية .. ودكاكين عطارة و أدوية شعبية .. و وسط الميدان عشرات من فرق الرقص و الغناء
الشعبي فضلا عن الحكواة و البهلوانات و القردانية .. و مروضي الثعابين و الثعالب و الدئاب ..
و غير هذا وذاك .. نجد المصلحين يبيعون النصائح لمن يريد جنة الخلد .. و أولائك الذين يقرأون
الكف و يكشفون الطالع .. و لا ننسى بالطبع الطبيب الشعبي القادر على شفاء كل داء دون
عملية و لا يحزنون .. و العامة يقبلون على الطب الشعبي عن قناعة .. أو بسبب ضيق ذات اليد .. !!
و الميدان صاخب يضطرب بأصوات الدفوف .. و الطبول .. و الصاجات .. و تفوح منه رائحة الشواء
حيث تشوى اللحوم في الهواء الطلق .. !!
و في مقدور الواحد أن يتعرف على العديد من ألوان الفنون الشعبية لو أنه مكث كم ساعة في
هذا الميدان العجيب .. لأن فرق الهواة تأتي إليه من كل صوب و حدب و التي تمثل كل الأقاليم
المغربية .. !!
و تتميز مدينة مراكش يموسيقى " الدقة " حيث الضرب الجماعي على " الصاجات " المزدوجة
يتناغم مع دقات الدف .. و الدقة يعرفها كل أصحاب الصناعات التقليدية .. و أيضا لكل حي
يتميز بدقة خاصة .. !!
و فيما يبدو أن مراكش صارت عاصمة الفنون الشعبية خاصة و أن اليونيسكو صنفها تراثا عالميا
و أنها تنظم كل عام المهرجان الوطني للفلكلور .. و هو بحق تظاهرة ممتعة تستمر قرابة
اسبوعين .. و يقام داخل مسرح أقيم في قصر أثري " قصر البديع " الذي له من اسمه نصيب .. !!
إن احتفال المغاربة بالفنون الشعبية يثير الإعجاب حقا .. تجد ذلك من خلال تمسكهم الشديد
بأزيائهم التقليدية .. فالمغربي لا يتخلى عن زيه الوطني .. حتى لو عنَّ له أن يرتدي البدلة
الافرنجية .. لأنه يعتبر زيه الوطني جزء من هويته .. !!