سعد ميخائيل فتح مذهل فى عالم الموزاييك بقلم : مكرم حنين ( الفنان و الناقد)
لا تندهش أيها الزائر.. إذا عرفت أن خبراء من كافة أنحاء العالم قد حضروا لمتابعة هذا المعرض المذهل للفنان سعد ميخائيل ، الذى تحولت قطع الزجاج الملون بين يديه إلي قطع من الماس علي مدي ثمانيه عشر عاما من التحدي الجسور كي يستنطق قطع الزجاج المتناهيه الصغر التي يصل عرض الكثير منها إلي أقل من المليمتر و أكبر قطعه منها يصل عرضها الي ثلاثه أو اربع مليمترات مقدما لنا ملايين من الدراجات اللونيه.أطلق الفنان علي إبداعه هذا "الميكرو موزاييك" و أستطيع القول بأنني لم أشاهد هذا النوع من الإنتاج الموزاييكي إلا في المانيا و في بعض المتاحف النادره و قد إنتهى هذا النوع من الإنتاج لصعوبته والجهد و الزمن الطويل الذى يحتاجه مع الصبر.
و لكن الجديد حقا ان الفنان ( سعد ميخائيل) قد ذهب إلى أبعد من ما وصل إليه الأوربيون و الأمريكيون لأسباب متعدده منها أن الفنان هنا يقوم بتحليل المساحات الملونه و تفكيكها بحيث يعيد خلق جزئياتها اللونيه مثل فناني ( البوينتزم - ) كما انه يقوم بتصنيف القطع وفق إتجاهات غير متوفره في الأصول و إعادة تحليلها بما يتوافق مع الرؤيه عن بعد و هذا هو الابداع بعينه.في هذا المعرض المدهش لفن المزاييك و قبل أن ياخذك الإعجاب بالإعجاز في التناول و الدقه وصولا الي اأدق أنواع فن الموزاييك في العالم حيث ياخذنا الفنان في رحله مستحيله مع أعمال عباقره من التصوير مثل ( روبنز) و ( فان جوخ) و غيرهم من الستشرقين , قبل كل هذ السطور الصغيره يجب أن نعرف أننا أمام قامه فنان مصري فرعوني يعتبر ما يقدمه من فن هو اضافه عالميه لفن المزاييك علي مستوي الكون بإعتراف الجمعيات العالميه لفن المزاييك فى المانيا مهد الموزاييك المتناهي في الصغر و في انجلترا و في امريكا , ولذلك فلا عجب ان تجد مجموعه من خبراء الاتحادات العالميه للموزاييك أو الجمعيات يتابعون بترقب لرؤته هذا المعرض الخاص جدا و ذلك بعد ان حاول بعض مقتنى الأعمال الفنية النادرة شراء قطع من ابداع هذا الفنان القدير بمبالغ تقارب المليون والنصف مليون جنية مصري.
في هذا المعرض نحن أمام فن فوق العاده و فنان أمضي ثمانيه عشر عاما في صياغه هذه الأعمال التي تفوق بها علي أعظم قطع من هذا النوع في اوروبا و امريكا باعترافهم , و قد عمل الفنان (سعد) في تصميم المجوهارات لفتره طويله في السعوديه و عندما بدأ في أعماله الفنيه بالقطع المتناهيه الصغر لاحقته رؤيه المجورات فتعامل معها كمن يصفف مجوهرات ملونه ينتج منها لوحات مرصفه بالزجاج الأوبيك الملون و الفترال الشفاف أما عن حجم قطع الموزاييك فيجب ان تعرف ان الفنان قد بدا مسيرته بخطة منظمه فقد امضي أكثر من عامين في تجهيز باليته الألوان قبل ان يضع قطع المزاييك علي السطح و يلصقها بنوعية معينة من الايبوكسي الذي إختاره من بين أربعين نوعا من الإبوكسي و تتم هذه العمليه التي هي أقرب الى الترصيع - ترصيع الماس و الفيروز و الزمرد و الياقوت و الاماتست و غيرها من الاحجار الكريمه المعتمه و الشفافيه و تحت المكبر الضخم التي يمتد ذراعه الي ما يقرب المتر تبدأ عمليه غايه في التعقيد بإختيار اللون و القطعه و المساحه التي يحددها الفنان في البدايه في منتهي الدقه و بواسطه الملاقط تاخذ كل قطعه مكانها وسط التدرج اللانهائى لمجموعات اللون التي سبق وان أعد لها مجموعه من العلب و في كل علبه آلاف القطع المختلفه الدرجات اللونيه و هي بالالاف نعم الاف الدرجات وهناك بعض القطع التي تقارب في حجمها مع سن الابره ، و لا تري بسهوله بالعين المجرده ونظرا للاندماج علي مدي ثمانيه عشر عاما فقد تاثر بعد هذا الفنان بالتحديق في القطع المتناهيه الصغر ولكن ذلك لم يقف في طريق حبه الكبير بل و أن ذلك دفعه الي الإصرار و التحدي و الاستمرار.بعد هذا التمكن و تلك القدره كشف لنا الفنان (سعد روماني ميخائيل) عن إمكاناته الابداعيه كفنان فابدع في تواضع مجموعه من القطع المتوسطه الحجم فاذا بنا أمام فنان مصري مبتكر و متعمق في معطيات اللون و حركه العين تناسب مع حوارات وإتجاهات الترصيع و اللون
بطل مجرد يتحرك بمشاعرنا ويأخذنا في أمواجه اللانهائيه إلي عالم الجمال , و الي عالم الممكنات.
هذا المعرض مدرسه لفن الموزاييك .. مدرسه عالميه و محليه فهل تستفيد مصر من روائعها ..؟ اتمنى.
استدراكمن الموزاييك كان لمصر الرياده العبقريه الأولي فيه وذلك في تصميم الحلي و العقود و الحلقان و يمكن إدراك ذالك بالنظرالي مجموعه (توت عنخ امون) بل و أن رأس (توت عنخ امون) أو غطاء تابوته هو عمل موزاييكي محير كما أن المزاييك قد أستخدم في مصر اثناء الإحتلال الرومانى في ارضيات القصور حيث صورت اللهه علي الارضيات مثل (الميدوزا) و بعض الحيوانات الداجنه و الطيور و الكلاب بالاضافه الي العناصر الزخرفيه كما في متحف الاسكندريه.
و قد انتقل الموزاييك الي اوروبا و ايطاليا ، و في الفاتيكان و رافينا لوحات رائعه و علي جدران كنيسه (سان بيتر) و قد أستخدمت فيها القطع الرخامبه ببراعه عجيبه بحيث لا تعرف اذا ما كانت لوحه ذيتيه او رخاميه و كذلك في رافينا و غيرها , في كنيسه (آيا صوفيا) بالقسطنطينيه اكتشفت لوحات رائعه بالموزاييك كانت قد طمست بالملاط في زمن سابق تعتبر من روائع القرن السادس الميلادي و في العديد من المساجد لعب الموزاييك دورا كبير في زخرفة الأرضيات و في الحوائط و في النافورات بالرخام والسيراميك.
وكتب الناقد كمال الجويلى رئيس الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى عن هذا الفنان المبهر فى فن الموزاييكيختلف الابداع الفنى من خلال خامة الموزاييك الذى يتميز بطبيعة و تأثير خاص خاماته المختلفة المتميزة و الصلبة تقاوم الزمن لتبقى شاهدا على إبداعات هذا الفن الجميل، و قد بدأ هذا الفن بالانتشار كواحد من أهم فنون الجداريات التى إرتبطت أيضا بنهضة العمارة و تقدمها و قد عرف فن الموزاييك فى بلادنا بإسم الفسيفساء.أما بالنسبة لتنوع و تعدد الخامات المستخدمة فهى تتراوح بين الخامات الحجرية الطبيعية او الصخرية أو المتبلورة أو المزججة كما يمكن الخلط بينهما بما يتناسب لكى يخدم الفكرة الفنية – و تتعدد أيضا الوان خامات الموزاييك و تشمل الألوان الأساسية وهى الأحمر و الأزرق و الأصفر كما تضم الألوان الثانوية فنجد البرتقالى و الأخضر و البنفسجى بدرجات لونية متعددة مما يتيح للفنان أن يستخدمها تماما كما يستخدم الفنان ألوانه الزيتية و لكن بطريقة مختلفة و هى التثبيت على سطح صلب و يحتاج هذا الفن الى الكثير من الصبر و الإلهام و الهدوء الى جانب الخبرة و المهارة الفائقة.
بعد هذه المقدمة التمهيدية و التى كان لابد منها لكى نتحدث عن إبداعات الفنان المصرى المتميز و المتفرد سعد رومانى الذى حاز على شهرة عالمية من خلال منهجه الإبداعى الفريد مما يعتبر نقلة نوعية فى هذا الفن و الذى لاقى ألكثير من التقدير والإعجاب حتى من فنانى الموزاييك العالميين وصل إ لى حد الإنبهار.نتحدث هنا عن عبقرية فى الابداع و الأداء - مخيلته الجمالية تذكرنا بالفنان المصرى القديم – الفنان الفرعونى صانع أول حضارة فى التاريخ. إن الفنان سعد رومانى يصور الموضوعات التاريخية الى جانب الرؤى الحديثة كالمناظر و حركة الاشخاص بالفسيفساء بدقة عجيبة قد تصل الى أنه يضع مئات من القطع الصغيرة الدقيقة جدا فى البوصة الواحدة فيذكرنا بالمدرسة التنقيطية التى تلتقط ومضة الضوء.
فتحية للفنان سعد رومانى الذى أسعدنا و أمتعنا بإستعادة الوجه الجميل لهذا الفن الرائع.